نبذة عن الموقع مكتبة قواعد الأدب العربي 2
نعلم أن اللغة العربية، بسعتها الفائقة وجمالها في استيعاب المعاني العظيمة والدقيقة في جوهرها، وغزارة عطائها، قد قدمت خدمات جليلة للإسلام والقرآن الكريم. وقد أدى ذلك إلى نشوء العديد من العلوم الأدبية في أحضانها على مر العصور: المفردات، والتصريف، والنحو، والمعاني، والإعراب، والأصالة. ويشتمل البرنامج القادم (مكتبة قواعد الأدب العربي) على جزء مهم من الموارد المتعلقة بهذه العلوم.
لا شك أن اللغة، أي الألفاظ المنظمة التي، بترتيب خاص متجاور ومتلاحم، تكشف عن مكنونات العقل البشري، وتكشف عن باطنه، من نعم الله العظيمة، التي هي، إلى جانب خلق الإنسان وتعليم القرآن الكريم، وخلق ظواهر الأرض والسماء، مظهر من مظاهر رحمته الواسعة على أعين الإنس والجن.[2] من هذا المنظور، فإن تنوع اللغات بين الناس، كاختلاف ألوان هذا وذاك، وعجائب خلق الأرض والسماء، وألف ظاهرة وظاهرة لا توصف، آية من حكمة الله تعالى، سطرها ذلك الحكيم القدير على صفحة من صفحات كتاب الخلق التي لا تُحصى[3] ليقرأها العالم ويتفكر فيها ويتعرف على مؤلفها العظيم ويحمده. ومن هذا المنظور، فإن قلة اللطف بأي لغة هي كفر بالرحمن ودوس على نعمه بقدم الإنكار والكفر، ويؤدي إلى سؤاله المذموم: "فما آيات ربكم التي تكذبون بها؟"[4] ولكن أحيانًا، وبسبب بعض العوامل الخارجية، تحتل لغة ما مكانة أعلى من غيرها؛ بما أن المعارف الجديدة اليوم، وخاصةً العلوم الأساسية، في مختلف مجالات الصناعة والتكنولوجيا والطب والصيدلة، والأهم من ذلك كله في سوق الحاسوب، غالبًا ما تتحدث باللغة الإنجليزية، فإن صدى هذه اللغة في آذان العالم المعقد يصم الآذان. أهمية تعليم قواعد الأدب العربي نزعم أن للغة العربية لدى المسلمين مكانة أعلى من مكانة اللغة الإنجليزية لدى شعوب العالم، ولدينا أدلة دامغة على هذا الادعاء؛ فاستمعوا إلى شهادة شهودنا الصادقين: 1. إن المعجزة الوحيدة الباقية من بين رسل الوحي، والنافذة الوحيدة المفتوحة على عالم الغيب التي يمكن من خلالها سماع صوت الله بوضوح ورؤية طريق الهداية هي القرآن الكريم، ولغة القرآن هي اللغة العربية. 2. إنّ معلّم القرآن العظيم، سيد الأنبياء وقائدهم وخاتمهم، ورحمة للعالمين[5]، الذي "بلغ إلى العلي في الكمال، وكشف عن خبايا جمال صفاته، صلى الله عليه وآله وسلم"[6]، وأتباعه الأوائل، ولا سيما المحارب الشجاع في ميدان الشجاعة والبلاغة والبلاغة والعدل، علي مرتضى، وسلالة رسول الله الطاهرة، أئمة الهدى، وحاملي أعباء الولاية الثقيلة، وورثة علمه المعصوم، الذين لا يُضاهى به شيخ ولا ملك،[7] جميعهم تكلموا باللغة العربية، ووضعوا في جوفها كنوزًا من المعاني.
3. وحسب التاريخ، فقد حُفظت علوم الإغريق وغيرهم من الأمم التي عرفت علمًا وحضارة من ويلات العصور بفضل اللغة العربية. لو لم تُترجم تلك العلوم في القرون الأولى للإسلام، حين كان المسلمون، بتشجيع من القرآن الكريم والنبي صلى الله عليه وسلم، شغفًا بالمعرفة، وقلوبًا راغبة في الحكمة (مع أنها كانت في أبعد نقطة عنهم، كالصين والحكمة، ذلك الخير العظيم، في أيدي الجاهلين والمنافقين)،[8] من اليونانية والسريانية وغيرها إلى العربية، لجنكيز خان والجهل والتعصب في عصور العصور الوسطى المظلمة، لجعلها جميعًا فريسة لنيران الإهمال، ولجعلت مدارس تلك العلوم مرعىً لخيول النسيان المتمردة.
4. جميع العلوم التي وُلدت ونشأت في أحضان الإسلام، كالتفسير والحديث والفقه والنحو وغيرها، قد ارتدت بلا استثناء ثوب العروبة منذ اليوم الأول، وحتى اليوم يندر أن تلبس ثوبًا آخر. جديد! مع مرور الزمن، اكتسب خياطو العربية خبرةً واسعةً جعلتهم يُضفون على رداء العروبة صفةً تليق بتلك العلوم، كأنه جزءٌ من كيانهم، وأي رداءٍ غير رداء العروبة لا يليق بهم.
5. لغة غالبية مسلمي العالم هي العربية، وإذا أراد طبيبٌ خبيرٌ، ليس من باب السياسة بل من باب الأمانة، أن يكتب وصفةً شافيةً لداء التفرقة المزمن الذي كان كالوباء على هذه الأمة التي كان يُفترض أن تكون جسدًا واحدًا،[9] بأمر رسول التوحيد، قرونًا، والذي يُفرّق أفرادها تدريجيًا، فلا شك أن أفضل لغةٍ تُفصح لسانه العذب وتُعبّر عنه هي اللغة العربية.
6. اللغة الفارسية العذبة، التي تجمع ملايين المسلمين وغير المسلمين وتُعرّفهم على نوايا بعضهم البعض، بالإضافة إلى كنزها الثمين من جواهر الأدب والفن والتصوف والفلسفة، متشابكة مع اللغة العربية لدرجة أن فكرة فصلهما فكرةٌ لا أساس لها. أولئك الذين يسعون، بدافعٍ من التعصب الأعمى، إلى فتح أبواب الناطقين بالفارسية الموصدة والمغطاة بالطين إنما يُلقون الطين في البحر، ويُغربلون الماء، ويسخرون من أنفسهم. هذا لا يعني بالطبع فتح حدود اللغة الفارسية وإصدار تصاريح دخول للكلمات العربية الغريبة والأجنبية، وتبرئة المهربين المُعربين الذين يُلقون ليل نهار بكلمات عربية قاسية وخاطفة للأنفاس على طريق اللغة الفارسية السلس، مُعقّدين الطريق على المسافرين، ويُسمّون هذا عيبًا بلاغةً، ويُسمّون هذا عيبًا معرفةً؛ أحدهما إفراط والآخر إفراط، و"الجاهل إما مُفرط أو مُفرط". إن المقصود هو أنه منذ قرون عديدة اختلطت أعداد كبيرة من الكلمات الفارسية بكلمات فارسية مثل الحليب والسكر، بل وأدت إلى ولادتها، واستقرت في عقول وألسن وآذان الناطقين بالفارسية، وأصبحت جزءاً من تربتهم ومائهم، حتى أننا كثيراً ما نضطر إلى تعلمها من أجل التعرف عليها.
وجّه الآخرين بكتابة نقودكم ودراساتكم وآرائكم لتحديد هذا المنتوج.